الله تعالى على خلقه والحذر من الاستخفاف فيها بحقه وتوقي غضبه بتأديتها والاستجنان من شقاء الدنيا والآخرة بتوقيها ومنها طلب الأجر بما ينيله من عز سلطانه ويجديه من فواضل نعمائه وهذا هو أصح الأغراض التي يجب على كل عاقل أن يقدمه على كل غرض ويحصل منه على السهم الوافر فلا خير في دنيا تنقطع السعادة عنها وإنما السعادة بعد الموت والدار الآخرة خير ومن اختار الفاني المنصرم على الباقي الدائم فقد خسرت صفقته وبارت تجارته والطريق الموصل إلى هذا المقصد صلاح النية فيما يتولاه من أمور السلطان وقصد النفع العام له ولرعيته والاجتهاد في إغاثة الملهوف والأخذ بيد الضعيف والنفع بجاهه عند سلطانه وحمله على العدل في الرعية فإذا توخى ذلك فاز بثواب الله تعالى وقضى حق السلطان فيما عرضه له من الشكر والأجر وقابل نعمة الله التي ms0044 أقدره بها على هذه الأفعال الجميلة PageV01P102 بما يرتبطها عنده ويستقر بها لديه ومنها مجانبة الريب والتنزه عنها والطهارة منها فإنها تسخط الله تعالى وتذهب بمهابة المرء وتسقطه من العيون والقلوب وأحق من راعى ذلك من نفسه من بين أتباع السلطان أهل هذه الصناعة لاختصاصهم به ولطف منزلتهم عنده إذ المشهور عند نقلة الآثار أن الذين تقدموا من صدورها ومشايخها كانوا من جلة العلماء وسادة الفقهاء وأفاضل أهل الورع المبرئين من الدنس والطمع المميزين على القضاة والحكام في الاستقلال بعلوم الإسلام المتميزين عنهم بفضل الآداب ورواية الأشعار والعلم بالأيام والسير والارتياض بآداب الملوك وعشرتهم ورسوم صحبتهم وغير ذلك مما ينتظم في صناعتهم فقد ساووهم في علم الدين وفاقوهم فيما تقدم ذكره مما لا يشاركونهم فيه والسلطان والدين قرينان لا يفترقان وعونان على صلاح البلاد والعباد فلا يحتمل السلطان ما ينكره الدين لأنه تابعه ورديفه ومنها لزوم العفاف والصيانة فيما يتولاه للسلطان من أعماله ويتصرف فيه من أشغاله والتعفف عن المطامع الذميمة والمطاعم الوخيمة والترفع عن المكاسب اللئيمة فإن ذلك يجمع القربة إلى الله تعالى والحظوة عند السلطان وجميل السيرة عند الرعية حتى إن هذه الطريقة قد تقدم بها عند السلطان المتخلفون في الفهم والمعرفة وسادوا على من لا يقاربونه في غناء ولا كفاية وحصلوا على الأحوال السنية والمنازل العلية وقرب بها من كان بعيدا على من كان قريبا ومن لا مكانة له ولا حرمة على من له مكانة وحرمة واستدني لأجلها من لا يترشح لخدمة السلطان ثم الذي يلزمه أن يعتمد التمسك بالصيانة والعفاف الذي عليه نظام معيشته والارتفاق فيما يحل PageV01P103 ويطيب له من جاه خدمته فإنه قد قيل الزم الصحة يلزمك العمل لأنه يمتنع من المنافع التي تصل إليه من أطيب المكاسب وتسلم من تبعات العاجل والآجل وتخلص من قبيح الأحدوثة وإطلاق ألسن الحسدة بالطعن والتأنيب وينال بجاه السلطان ونفوذ الأمر من غير خيانة للمؤتمن ولا اشتكاء للرعية فإنه لولا هذه المنافع لغني الإنسان بالقناعة ورضي بالكفاف وسلم من المخاطرة ms0045 بدينه ودنياه في سلامة السلطان إذ لا يجوز أن يستفرغ وسعه ويعرض نفسه للخطر فيما لا تحسن له عائدة ولا تخلص منه فائدة في جاه ولا مال وقد علم ما كان عليه أهل هذه الطبقة في سائر

Viewing page 1 out of ?

First Previous Next Last
Close