الملك العزيز غياث الدين محمد وعمره يومئذ سنتان وأشهر بعهد من أبيه وكان الملك العادل عندما مرض الظاهر رتب بريدا من مصر إلى حلب يطالعه بخبره فأتاه نعيه قبل كل أحد فأحضر الملك العادل ابن شداد وقال له: ياقاضي! صاحبك قد مات في ساعة كذا من يوم كذا. فعاد ابن شداد إلى حلب. وفيها كان ابتداء خروج التتر من بلادهم الجوانية إلى بلاد العجم. وفيها قدم الشريف قاسم من المدينة النبوية فأغار على جدة فخرج إليه الشريف قتادة أمير مكة وكسره يوم عيد النحر. PageV01P305 فارغة PageV01P306 سنة أربع عشرة وستمائة فيها وصل الشيخ صدر الدين بن حمويه من بغداد بجواب رسالة الملك العادل إلى الخليفة الناصر لدين الله. وفيها تتابعت أمداد الفرنج في البحر من روما وغيرها إلى عكا وفيهم عدة من ملوكهم وقد نقضوا الصلح وعزموا على أخذ القدس وسائر بلاد الساحل وغيرها فعظم جمعهم فخرج العادل من مصر بعساكره وسار إلى لد فبرز الفرنج من عكا في خلق عظيم فرحل العادل على نابلس ونزل في بيسان فقال له ابنه المعظم لما رحل: إلى أين يابه. فسبه العادل بالعجمية وقال: بمن أقاتل أقطعت الشام مماليك وتركت من ينفعني من أبناء الناس الذين يرجعون إلى الأصول وذكر كلاما في هذا المعنى. فقصده الفرنج فلم يطق لقاءهم لقلة من معه فاندفع من بين أيديهم على عقبة فيق وكتب بتحصين دمشق ونقل الغلات من داريا إلى القلعة وإرسال الماء على أراضي داريا وقصر حجاج والشاغور ففزع الناس وابتهلوا إلى الله وكثر ضجيجهم بالجامع فزحف الفرنج على بيسان وقد اطمأن أهلها بنزول العادل عليهم فانتهبوها وسائر أعمالها وبذلوا في أهلها السيف وأسروا وغنموا ما يجل وصفه وانبثت سراياهم فيما هنالك حتى وصلت إلى نوى ونازلوا بانياس ثلاثة أيام ثم عادوا إلى مرج عكا وقد أنكوا في المسلمين أعظم نكاية وامتلأت أيديهم بالأسر والسبي والغنائم وأتلفوا بالقتل والتحريق ما يتجاوز الوصف. فلم يمكثوا بالمرج سوى قليل ثم أغاروا ثانيا ونهبوا صيداء والشقيف ورجعوا وذلك كله من نصف شهر رمضان إلى يوم عيد الفطر ونزل العادل بمرج الصفر ورأى في طريقه رجلا يحمل شيئا وهو يمشي تارة ويقعد أخرى فقال له: ياشيخ {لا تعجل ارفق بنفسك. ففال له: ياسلطان المسلمين} أنت لا تعجل أو أنا إذا رأيناك قد سرت من بلادك وتركتنا مع الأعداء كيف لا نعجل. وعندما استقر بمرج الصفر كتب إلى ملوك الشرق ليقدموا عليه: فأول من قدم عليه أسد الدين شيركوه صاحب حمص وهو ابن ناصر PageV01P307 الدين محمد بن أسد الدين شيركوه عم السلطان صلاح الدين يوسف ثم إن العادل جهز ابنه المعظم عيسى صاحب دمشق بطائفة من العسكر إلى نابلس كي يمنع الفرنج من بيت المقدس فنازل الفرنج قلعة الطور التي أنشأها العادل وجدوا في قتال أهلها حتى تمكنوا من سورها وأشرفوا على أخذها. فقدر الله أن بعض ملوكهم قتل فانصرفوا عنها إلى عكا بعدما أقاموا عليها سبعة عشر يوما وانقضت السنة

Viewing page 1 out of ?

First Previous Next Last
Close