وخالفٌ أَيضاً في خروج عمرو بن العاص بالناس ، وفى الرواية
المتقدِمة الصحيحة أَنه صدق شرحبيل بن حسنة ، وأَن معاذ بن جبل
قال كما قال شرحبيل ، وكذا أَبو عبيدة . فإِن كانت الرواية محفوظة ،
احتمل أَن يكون عمرو بن العاص خطب مرتين، مرة فى أَول الأَمر فرد
عليه شرحبيل بن حسنة وغيره ، ومرة فى آخر الأَمر فرد عليه أَبو واثلة .
وقد جاء أَن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، كتب إلى أَبى
عبيدة يأَمره بالانتقال بالناس ، من الأَرض التى كانُوا بها إلى أَرض
أُخرى وأَن أَبا عبيدة أطاعه في ذلك ، فطعن قبل أَن يرحل ، ورحل
الناس بعد أَن مات . فلعل عمرو بن العاص هو الذى رحل بهم ،
فروى ابن إِسحاق عن شعبَة ، عن المختار بن عبد الله
البجلى ، عن طارق بن شهاب قال : أَتينا أَبا موسى وهو فى داره
بالكوفة ، لنتحدث عنده فلما جلسنا قال: لا تحفوا ، فقد مات
إِنسان بالدار بهذا السقم ، فلا عليكم أَن تنزَهوا عن هذه القرية ،
فتخرجوا في فسيح بلادكم ونزهها ، حتى يرتفع هذا البلاء ، فإِنى
ساخبركم بما يكره مما يتقى من ذلك، أَنه لو خرج لم يصبه ، فإِذا لم
يظن ذلك المرء المسلم ، فلا عليه أَن يخْرج ويتنزه عنه إِنى كنت مع
أَبى عبيدة بن الجراح بالشام عام طاعون عمواس ، فلما اشتعل الوجع ،
PageVO1PO269
وبلغ ذلك عمر كتب إلى أَبى عبيدة يستخرجه منه : أَن سلام عليك ،
أَما بعد، فإِنه عرضت لى إِليك حاجة ، إِذا نظرت فى كتابى : هذا ، أَن
لا تضعه من يدك حتى تقبل إِلى . قال: فعرف أَبو عبيدة أَنه إِنما / أَراد
أَن يستخرجه من الوباء ، فقال : يغفر الله لأَمير المؤمنين . ثم كتب إليه،
يا أَمير المُؤمِنينَ، إني قد عرفت جاجتك إِلَى، وإِنى فى جند من
المسلمين ، لا أَجد بنفسى رغبة عنهم ، ولست أَريد فراقهم حتى
يقضى الله فى وفيهم أَمره وقضاءه ، فحللنى من عزيمتك بأ أَمر
المؤمنين ، ودعنى وجندى
فلما قرأ عمر الكتاب بكى ، فقال الناس . يا أَمير المؤمنين،
أَمات أَبو عبيدة؟ قال: لا ، وكأْن قد . قال : ثم كتب إليه: سلام
عليك ، أَما بعد، فإِنك أَنزلت الناس أَرضا غميقة ، فارفعهم إلى أَرض
نزهة فلما أَتاه كتابه ، دعانى فقال: ياْ أَبا موسى، إِن كتاب أَمير
المُؤمنين قد جاءنى بما ترى فاخرج . فارتد للناس منزلا حتى
انتقل : بهم . فرجعت إِلى منزلى ، فإِذا صاحبتى قد أَصيبت . فرجعت
إِليه ، فقلت له قد كان في أَهلى حدث . فأَمر ببعير ، فرحل له فلما
وضع رجله في الغرز طعن ، فقال: والله لقد أَصبت . ثم سار حتى
نزل بالجابية، ورفع الوباء عن الناس
أخرجه ابن عساكر فى ترجمة أَبى موسى الأَشعرى ، من
تأريخه . وهذا حديث فى إِسناده من لا يعرّف لكن جاء من
PageVO1PO27O
وجه آخر عن أَبى موسى ، لا بأْس به ، أَخرجه الهيثم بن كليب في
مسنده ، والطحاوى في ومعانى الآثار ، جميعا من طريق شعبة .