هاهنا قاعدون فاذهب أنت وربك فقاتلا ومعنا من الغزاة مشاه، أفرس من فوارس الكماة، أطبارهم باترة، وأظفارهم ظافرة، كالأسود الكاسرة، والنمور الجاسرة، والذئاب الهاصرة، قلوبهم بودادنا عامرة، لا تخامر بواطنهم علينا مخامرة، بل وجوههم في الحرب ناضرة إلى ربها ناظرة وحاصل الأمر أن كل أشغالنا، وجل أحوالنا وأفعالنا، جم الكفار ولم الأسرى وضم الغنائم، فنحن المجاهدون في سبيل الله الذين لا يخافون لومة لائم وأنا أعلم أن هذا الكلام يبعثك إلى بلادنا انبعاثا، فإن لم تأت تكن زوجاتك طوالق ثلاثا، وإن قصدت بلادي وفررت عنك ولم أقاتلك البتة، فزوجاتي إذ ذاك طوالق ثلاثا بتة، ثم أنهى خطابه، ورد على هذا الطريق جوابه فلما وقف تيمور على جوابه القلق، قال ابن عثمان مجنون حمق، لأنه أطال وأساء، وختم ما قرأه من كتابه بذكر النساء، لأن ذكر النساء عندهم من العيوب، وأكبر الذنوب، حتى أنهم لا يلفظون PageV01P255 بلفظ امرأة ولا بأنثى، وإنما يعبرون عن كل أنثى بلفظ آخر ويحثون على الاحتراز عنه حثا، ولو ولد لأحدهم بنت يقولون ولد له مخدرة، أو ربات الحجال أو مسترة، ... أو نحو ذلك ذكر طيران ذلك البوم وقصده خراب ممالك الروم فوجد تيمور إلى التوجه على ابن عثمان السبيل، وطلب الرفيق والطريق، ورام الدليل، وعرض جنده فإذا الوحوش حشرت، وانبثوا على وجه الأرض فإذا الكواكب انتثرت، وماج فإذا الجبال سيرت، وهاج فإذا القبور بعثرت، وسار فزلزلت الأرض زلزالها، ومار فأظهرت القيامة أهوالها، وأرسل إلى ولي عهده، ووصيه من بعده، حفيده محمد سلطان بن جهانكير، أن يتوجه إليه من سمرقند صحبة سيف الدين الأمير وركب إلى الروم الطريق، وساعده الاتفاق لا التوفيق، وجرى بذلك البحر المطلخم، والليل المدلهم، فدار وداخ، وعلى قلعة كماخ أناخ، فإذا هي في الوثاقة كيقين موحد، وفي الرصانة والمناعة كاعتقاد متعبد، لا يقطع خندق مناعتها سهم وهم، ولا يهتدي إلى الطريق التوصل إليها صائب فهم، مؤسس أركان PageV01P256 هضابها معمار القدرة، ومهندس بنيان قبابها نجار الفطرة، ليست بالعالية الشاهقة، ولا بالقصيرة اللاصقة، غير أنها في مناعتها وحصانتها فائقة من إحدى جهاتها نهر الفرات يقبل أقدامها، ومن الجهة الأخرى واد متسع يحفظ أعلامها، لا يمكن للأقدام فيها الثبات، وهو مسيل ماء يصب في نهر الفرات ومن الجهتين الأخريين هضاب، يتلو لسان البصيرة عند وقوع البصر عليها إن هذا لشيء عجاب فأخذها من غير كلفة، وولج حرمها من غير طواف بها ولا وقفة، وذلك بعد أن قدم محمد سلطان عليه، ووكل أمر حصارها وقتالها إليه وسبب ذلك أن الوادي الذي وراءها، كان يرد بالخيبة لوعورته من منه جاءها، لكونه مزلة الأقدام، واسع الأفعام بعيد مهوى المرام، لا يثلب لسان السهم له عرض، ولا يثبت له تحت قدم غواص البصر قرار أرض، فبمجرد ما وقع نظره عليها، نظر بعين الفراسة إليها، ثم أمر بقطع الأخشاب، ونقل الأحطاب، فلم يكن إلا كلمح البصر، حتى هدموا البيوت وقطعوا الشجر، ونقلوا جميع ذلك الخشب والأعواد، وطرحوها في قعر ذلك الواد، فساووا

Viewing page 1 out of ?

First Previous Next Last
Close