Ibn Taghrī Birdī, al-Manhal 4: 58 - 65, 13

Reference
4: 58 - 65, 13
Text
تغرى برمش، اسمه الأصلي حسين بن أحمد
كان أبوه يدعى بابن المصرى، من أهل بهسنا، كان أحد الأجناد بها، وكان له ثروة في أول أمره، فلما قدم تيمور إلى بهسنا وأخذها افتقر، وقدم إلى حلب، ومعه أولاده حسن وحسين هذا، ثم إنه مات فانتقل تغرى برمش هذا مع أخيه حسن ووالدتهما إلى القاهرة، واتصلا بخدمة الأمير قراسنقر الظاهري أمير الحاج
فأقاما عنده مدة إلى أن أخذ تغرى برمش المذكور الأمير أينال حطب أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية، واستمر أخوه حسن بخدمة الأمير قراسنقر، وسمى أيضا حسن شاه
ولما مات الأمير إينال حطب اتصل تغرى برمش هذا بخدمة والدي رحمه الله بسفارة الأمير فارس دوادار الأمير إينال حطب وكان تغرى برمش المذكور إذ ذاك صغيرا، فأخرج له والدي رحمه الله خيلا وقماشا، وجعله من جملة الجمدارية، وسمى تغرى برمش، واستمر عندنا سنين إلى أن استقر والدي في نيابة الشام سنة ثلاثة عشرة وثمانمائة، فلما وصل والدي رحمه الله إلى دمشق، وأقام بها مدة، فرَّ تغرى برمش هذا من عنده وأخذ معه جماعة من طبقته. وكان تغرى برمش ومن هرب معه من المماليك آنيات شاهين أمير آخور والدي رحمه الله الكببر، وكان شاهين المذكور له ميل زائد إلى تغرى برمش هذا، فأخفى شاهين خبر تغرى برمش ورفقته عن والدي مدة لكثرة مماليكه، ثم علم ذلك فشق عليه، ثم بلغه أنه هو ورفقته بمدينة طرابلس، فرسم بأن يكتب إلى نائب طرابلس الأمير جانم من حسن شاه بالقبض على تغرى برمش المذكور ورفقته، فلما سمع شاهين أمير آخور ذلك صعب عليه، ولم يمكنه مراجعة ملك الأمراء في الكلام، فسأل أن يتوجه هو إلى طرابلس ويقبض عليهم، ويعود بهم إلى دمشق، قصد شاهين بذلك الشفقة عليهم، وتوجه إلى طرابلس، فبلغه خبرهم أنهم يتعاطون الشراب في قاعة بطرابلس، فترك شاهين مماليكه وخدمه، وركب وتوجه إليهم، ودخل عليهم هجما في القاعة المذكورة فلما وقع نظره عليهم سبهم قبل السلام، فقام إليه تغرى برمش المذكور، وسل سيفه وضربه به ضربة أتلفه فيها، ومات من وقته وفرهو وأصحابه، وبلغ الخبر الأمير جانم نائب طرابلس، فركب من وقته إلى القاعة المذكورة، فوجد شاهين قد مات، بعد أن أشهد عليه جماعة من الناس قبل موته أن الذي قتله هو تغرى برمش، فكتب الأمير جانم بذلك محضرا وأثبته على قاضي طرابلس، وأرسل به إلى والدي رحمه الله واعتذر أنه لم يعلم بمجئ شاهين إلى طرابلس، ولا بما وقع له إلا بعد فوات الأمر، وأنه شدد الطلب على تغرى برمش المذكور، ومتى حصل في يده أرسله مقيدا إلى الخدم العالية، فلما سمع والدي رحمه الله بموت شاهين أمير آخورشق عليه ذلك، وكتب إلى نواب البلاد الشامية يعلمهم بواقعة تغرى برمش المذكور، ويأمرهم بشنقه متى ظفروا به
وكان والدى ملازما للفراش من مرضه الذي مات فيه، فلم تطل أيامه، ومات، وتقلبت الدولة، واتصل تغرى برمش يخدمة الأمير طوخ نائب حلب، ودام المحضر عندنا، ثم صارا بخدمة الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار، فحظى عنده، وصار رأس نوبته، ثم دواداره إلى أن قتل جقمق بدمشق في سنة أربع وعشرين وثمانمائة ـ على ما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته ـ واتصل تغرى برمش هذا بعد قتله بالأمير ططر، فلما تسلطن ططر أمره طبلخاناة وجعله نائب قلعة الجبل، فدام بقلعة إلجبل إلى سنة سبع وعشرين وثمانمائة نقله الملك الأشرف برسباى إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، وتولى نيابة القلعة عوضه الأمير تنبك البردبكى
كل ذلك وتغرى برمش يسأل منا عن المحضر ونحن ننكره منه فيقول ما قصدكم إلا قتلى، وسلط على الملك الأشرف غير مرة حتى دفعته بأن قلت له: أنت قتلت شاهين أم لا؟ فقال: لا، فقلت: فما خوفك من التهمة؟، فسكت من حينئذ، وصار في نفسه ما فيها، ثم ولاه الملك الأشرف نيابة الغيبة بالديار المصرية عند توجهه إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وسكن بباب السلسلة من الإصطبل السلطاني، وحمدت سيرته، ثم نقله الملك الأشرف بعد عوده بمدة إلى الأمير آخورية الكبرى بعد انتقال الأمير جقمق العلائي عنها إلى إمرة سلاح، فدام في وظيفته إلى سنة تسع وثلاثين وثمانمائة نقل إلى نيابة حلب عوضا عن الأمير إينال الجكمى بحكم انتقال الجكمى إلى نيابة دمشق بعد موت الأمير قصروه من تمراز الظاهري
فباشر ثغرى برمش المذكور نيابة حلب على أتم وجه وأحسنه وأجمل طريقة، ومهد بلادها، وعظم في الأعين، وتجرد إلى إبلستين غير مرة في طلب الأمير جانبك الصوفي إلى أن وصل إليه جماعة من أمراء الديار المصرية نجدة إلى مقصده، فتوجه بهم إلى مدينة أرزنكان وغيرها، ثم عادوا الجميع نحو مدينة حلب، فبلغ تغرى برمش المذكور موت الملك الأشرف برسباى وسلطنة ولده الملك العزيز يوسف، فاستوحش حبنئذ من العساكر المصرية، وصار بمعزل عنهم، وتخلف بعدهم بعين تاب ولم يدخل حلب حتى خرج منها العسكر المصري خوفا على نفسه منهم
وكانت العساكر المصرية تشتمل على ثمانية من مقدمى الألوف بالديار المصرية وهم: الأمير قرقماس الشعباني أمير سلاح والأمير آقبغا التمرازى أمير مجلس، والأمير أركماس الظاهري الدوادار الكبير، والأمير تمراز القرمشى رأس نوبة النوب، والأمير جانم أمير آخور قريب الملك الأشرف برسباى، والأمير يشبك التمربغاوي حاجب الحجاب، والأمير خجا سودون البلاطى، والأمير قراجا الخازندار الأشرفي، فلما وصلت الأمراء إلى حلب أرسلت إليه بالأميرين قانى باى الحمزاوى نائب حماه، والأمير تمراز القرمشى رأس نوبة النوب إلى عين تاب لإحضاره، فأبى عن الحضور إلا بعد خروجهم منها، فعادا إلى حلب بهذا الخبر، ثم عاد العسكر إلى محله في أواخر المحرم من سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وبلغ الخبر تغرى برمش فركب من عين تاب ودخل حلب ودام في نيابته إلى شهر ربيع الآخر من السنة، ورد عليه الخبر بخلع الملك العزيز وسلطنة الملك الظاهر جقمق، ثم قدم عليه الخاصكى بخلعة الاستمرار فلبسها، وقبل الأرض وحلف للملك الظاهر جفمق
ثم شرع بعد ذلك يتعاطى أسباب العصيان في الباطن، ويكاتب العربان والتركمان، واستمر على ذلك إلى شهر شعبان من السنة بدا لأمراء حلب الركوب عليه خوفا منه على أنفسهم، فركبوا عليه وقاتلوه بالبياضة من حلب، فكسر أمراء حلب وانهزم كل واحد منهم إلى جهة، ثم أخذ تغرى برمش في حصار قلعة حلب واستفحل أمره، ثم وقع بينه وبين أهل حلب وحشة، وركبوا عليه وقاتلوه، ورموا عليه من القلعة، فلم يسعه إلا الفرار من حلب، وخروجه جريدة من دار السعادة، من غير أن يصحب معه شيئا من خيله وقماشه، وخرج ومعه نحو مائة فارس من باب السر قاصدا باب أنطاكية، فتبعه العوام ورموا عليه وعلى أصحابه، ثم نهبت العوام ماله بدار السعادة وغيرها، فأخذ له مال لا يحصى كثرة
وتوجه ثغرى برمش بمن معه إلى الميدان، ثم إلى خان طومان، ثم توجه إلى ابن سقلسيز التركماني نائب شيراز لائذابه فوافقه ابن سقلسيز على العصيان فاستفحل به أمره، واجتمع عليه خلق من التركمان وغيرهم، ثم توجه ومعه ابن سقلسيز إلى طرابلس وطرقها، ففر منها نائبها الأمير جلبان من غير قتال، واستولى تغرى برمش هذا على جميع برك جلبان وذلك في حادي عشر رمضان من السنة، ثم خرج عن طرابلس وصار ينتقل من مكان إلى آخر، ويأخذ ما ظفر به من أموال الناس إلى أن عاد إلى حلب في عشرين شهر شوال فاستعد أهل حلب لقتاله، فقاتلهم و دام القتال بينهم عدة أيام إلى أن خرج إليه من أمراء حلب جماعة، ومعهم عدة من العوام لظاهر حلب، وقاتلوه قتالا شديدا استظهر فيه أمراء حلب، ومسكوا بعض أمراء التركمان، وقتلوا منهم جماعة، ثم حمل تغرى برمش على أهل حلب فهزمهم، وقبض على جماعة منهم ممن بقى خارج البلد، وقطع أيديهم فنفرت القلوب منه، وقويت العداوة بينهم، ودام ذلك إلى شهر ذي القعدة من السنة المذكورة، ورد عليه الخبر بقدوم العساكر السلطانية إلى حلب، وبالقبض على الأمير إينال الجكمى نائب دمشق، فتهيأ لقتالهم، وسار إلى جهة حماه، ونزل بالقرب منها إلى يوم الخميس سادس عشر ذي القعدة، نزل العسكر السلطاني ظاهر حماه من جهة الشمال وبأن تغرى برمش من جهة الغرب على عزم القتال، فلما أصبح نهار الجمعة سابع عشرة ركب العسكر السلطاني وركب تغرى برمش بمن معه والتقى الجمعان، فلم يثبت تغرى برمش وانهزم من غير قتال، وتوجه في أناس قلائل إلى جهة أنطاكية ونهب جميع ما كان معه، وتوجه معه ابن سقلسيز، فلما وصلوا إلى الدر بند خرج عليهم فلاحو تلك القرى مع من انضم إليهم وقاتلوهم، فانكسر نغرى برمش وأمسك معه ابن سقلسيز أيضا، فورد الخبر على العسكر المصري بذلك، فخرج منهم جماعة إليهم وأمسكوهما وقيدوهما، وجاءوا بهما إلى حلب، فحبسا بقلعتها، فكان يوم قدومهم إلى حلب من الأيام المشهودة، واستمر تغرى برمش وابن سقلسيز في حبس قلعة حلب حتى ورد المرسوم بقتلهما، فقتلا في يوم الجمعة رابع عشر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، بعد أن شهرا، وسمر ابن سقلسيز، وضربت رقبة تغرى برمش هذا تحت قلعة حلب
وكان تغرى برمش أميرا جليلا، عاقلا عارفا سيوسا ذا رأي وتدبير، ودهاء ومكر مع ذكاء مفرط وفطنة، وكان رجلا طوالا، أسود اللحية، مليح الوجه، فصيح اللسان باللغة التركية، عارفا بأمور الدنيا وجمع المال، وله قدرة على مداخلة الملوك، وكان جاهلا بسائر العلوم حتى لعله لم يحفظ مسألة في دينه، بل كانت جميع حواسه مجموعة على أمر دنياه، وكان جبانا، بخيلا بالبر والصدقة، كريما على مماليكه، متجملا في مركبه وملبسه ومأكله، وكان حريصا، جبارا يميل إلى الظلم والعسف، ولقد أخرب في حروبه هذه عدة قرى من أعمال حلب وما حولها، وقتل من أهلها جماعة، لا جرم أن الله عامله وجازاه من جنس أعماله وما ربك بظلام للعبيد
Summary
Taghrī Birmish al-Turkmānī
- his father was Ibn al-Miṣrī, a jund from Bahasnā, Tīmūr takes Bahnasā, comes to Aleppo together with his sons Ḥasan and Ḥusayn (Taghrī Birmish), when he dies his sons and their mother go to Cairo
- becomes mamlūk of Qarā Sunqur, afterwards of ʾĪnāl Ḥaṭab and afterwards of Taghrī Birdī al-Bashbughāwī, makes him jamdār, names him Taghrī Birmish
- when Taghrī Birdī goes to Damascus Taghrī Birmish runs away and takes with him some mamlūks to Tripoli, Taghrī Birdī askes nā’ib of Tripoli to arrest them
- Taghrī Birmish killes Shāhīn in Tripoli, flees together with his friends, nā’ib of Tripoli informs Taghrī Birdī, orders to hang Taghrī Birmish when he is caught, Taghrī Birdī dies
- Taghrī Birmish comes in khidma of Jaqmaq al-ʾArghūn Shāwī, becomes his raʾs nawba, then his dawādār until Jaqmaq is killed in 824
- joines Ṭaṭar, when he becomes sulṭān Taghrī Birmish becomes ʾamīr 040 and nāʾib qalʿa
- in 827 alʾAshraf Barsbāy appoints him as ʾamīr 100, nāʾib ghayba in 836 when he went to ʾĀmid, then he became ʾamīr ʾākhūr kabīr, in 839 becomes nāʾib of Aleppo
- sends troops to Palestine
- hears Barsbāy died and his son al-Malik alʿAzīz Yūsuf became sulṭān, becomes afraid of Egyptian army, becomes isolated from them at ʿAyn Tāb, doesn’t enter Aleppo until Egyptian army comes out of it, fears them
- list of ʾamīrs 100 of Egyptian army (p. 62)
- hears al-Ẓāhir Jaqmaq has become sulṭān, swears allegiance to him
- (p. 63) starts secretly with a rebellion, conflict with ʾumarāʾ of Aleppo afterwards conflict with people of Aleppo, has to flee, goes to Ibn Saqal Sīz who joins him in his revolt, go to Tripoli, nāʾib flees without fight, Taghrī Birmish becomes ...
- (p.64) leaves Tripoli and goes from one place to another, plunders
- returns to Aleppo, fight with people of Aleppo, defeats them
- is defeated by army of sulṭān, goes with few people in the direction of Anṭākīya, is arrested together with Ibn Saqal Sīz, is imprisoned in qalʿa of Aleppo, ordered to be killed, decapitation on Friday 14 Dhū al-Ḥijja 842
- description of personal characteristics
Related properties
89
ID
https://ihodp.ugent.be/mpp/informationObject-10129

Events (0)

Practice (0)

Places (0)