علي بن مُفلح، القاضي نور الدين ناظر البيمارستان المنصوري، ووكيل بيت المال
قال الشيخ تقي الدين المقريزي: كان أبوه مُفلح عبدا أسودا للطواشي كافور الهندي فأعتقه، و قرأ ابنه عَلي هذا القرآن،و خدم عدة من أهل الدولة حتى تقرر يقرئ المماليك بالأطباق بالقلعة، فأكثر من مداخلتهم إلى أن تردد إلى القاضي زين الدين عبد الباسط، فارتفع به قدره، و ولي و كالة بيت المال، و نظر البيمارستان، و عُدَّ من رؤساء الناس، و كان له مروءة، و فيه عصبة، و تقعير في كلامه من غير إعراب و لا علم إنما هو الحظ لا غير، انتهى كلام المقريزي
قلت: كان نور الدين المذكور رأس بخدمته عند المقام الصارمي إبراهيم بن السلطان الملك المؤيد شيخ، و صحب الناس، كل ذلك قبل صحبته لعبد الباسط، لكنه ولي الوظائف بسفارته، و تردد إليه، و كان يحصل له من البهدلة المقت أضعاف ما ناله منه، من ذلك ما حدثني القاضي محب الدين بن الأشقر ناظر الجيوش المنصورة - أسبغ الله ظلاله - قال: توجهنا مرة مع القاضي زين الدين عبد الباسط ـ في الدولة الأشرفية - لننظر فتح سد جبين القصر، فلما صرنا في المركب على ظهر النيل التفت عبد الباسط ألى ابن مفلح هذا فوجد إحدى ثناياه بارزة عن الأخرى فقال له عبد الباسط: دعني أقلع سنتك هذه فامتنع ابن مفلح و قال هي صحيحة قوية، لأئ شئ أقلعَها؟ فألح عليه عبد الباسط فامتنع أيضا أشد امتناع، فطلب عبد الباسط خيطا خريرا و برمه و أمسك ابن مفلح غصبا - بعد أن ألقاه إلى الأرض - وربط سنته المذكور، و داس برجله على صدره، و اجتهد بحيله و قواه جذبها فصارت في يده، و قام ابن مفلح وقد تضمخ بدمه، و انشرح عبد الباسط بذلك غاية الإنشراح. و كانت هذه الحكاية من القاضي محب الدين المذكور بحضرة المقر الكامل ابن البارزي كاتب السر الشريف، فقال القاضي - كاتب السر - لزم عبد الباسط دية السِّنَّة بلا مُدافعة
قلت: توفى نور الدين المذكور يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة سنة إحدى و أربعين و ثمانمائة
و كان شديد السمرة، رحمه الله تعالى