Ibn Taghrī Birdī, al-Manhal 9: 299, 1 - 303, 8

Reference
9: 299, 1 - 303, 8
Text
محمد بن أحمد بن يوسف، قاضي القضاة ولي الدين أبو عبد الله الصَّفطي، أصله من صفط الحناء بالوجه البحري من أعمال القاهرة
مولده سنة ست و تسعين و سبعمائة، و نشأ بالقاهرة، و حفظ القرآن الكريم، و صلّى بالناس التراويح، و حفظ عدة متون، و طلب العلم، و اشتغل في مبدأ أمره، و ناب في الحكم عن قاضي القضاة جلال الدين البُلْقيني سنين، ثم تَنزَّه عن الحكم بعد موت قاضي القضاة جلال الدين المذكور، و صحب الأكابر و أعيان الدولة، و مال إلى طلب الدنيا و تحصيل المال، و اجتهد في ذلك مع ماورثه من أبيه حتى أثرى و صار معدودا من ذوى الأموال، و صار كُلًّما كثر ماله عظم حرصه إلى أن تجاوز عن الحد من نمو المال و عظم البخل حتى على نفسه و عياله، و صار دأبه الركوب على فرسه و الترداد إلى الأكابر في أوقات السماط فكان من الناس من يأكل عنده و يتوجه إلى حال سبيله، و منهم من كان إذا أكل عنده أخذ بيده صحبا من الطعام و أرسله إلى عياله، و شوُهد أخذه الطعام من بيت الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناضر الخواص غير مرة، و كان لا يستقبح ذلك، و قيل: إنه كان يفعل هذه الفعلة أيضا عند الملك الظاهر جقمق في حال إمرته لأنه كان خصيصا به، كثير التردد إليه، فلما تسلطن الملك الظاهر جقمق ترك من دونه و لزمه، حتى عَظُم في الدولة و صار هو صاحب العقد و الحل، و ترددت الناس إلى بابه، و قصده أرباب الحاجات من الأقطار، و هرع الناس إليه فوجا فوجا، و نال من الوجاهة و جمع المال مالم ينله غيره من أبناء جنسه قديما و حديثا، و هو على ما هو عليه من الشُّحِ و الطمع الزائد، و سقوط النفس، كما كان أولا و أزيد، فإنه كان أولا يتوصل إلى مقصده بالتملق و الإطراء و غير ذلك، و قد صار الآن لا يأخذ شيئا إلاَّ بالسطوة و المهابة و التهديد، هذا من أكابر الدولة، و أما الأصاغر فكان أخذه منهم على صفة أخذ الجالية
و تولى من الوظائف ما يطول الشرح في ذكره، ذكرناه في تاريخنا حوادث الدهور في مدى الأيام و الشهور - منها: نظر الكسوة، و وكالة بيت المال، على ما كان بيده من مشيخة الجمالية، و غيرها من الوظائف الدينبة، ثم نظر البيمارستان المنصوري، وتدريس قبة الشافعي، و غير ذلك، ثم ولي قضاء القضاة الشافعية بالديار المصرية، بعد عزل قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني في يوم الخميس خامس عشر شهر ربيع الأخر سنة إحدى و خمسين و ثماني مائة، ثم ولي تدريس الشافعية بالمدرسة الصالحية و النظر على أوقافها، عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر في يوم الخميس رابع دي القعدة من السنة
و لما ولي القضاء أساء السيرة في أنباء جنسه، و حجر على الفقهاء و مباشري الأوقاف، و زاد و أمعن في بهلتهم بالضرب و السب و التراسيم،و قطع معاليم جماعة من الطلبة المرتبة على الأوقاف الجارية تحت نظره، و زاد و أفحش إلى الغاية، ولقي الناس منه شدائد، و صار لا يُمكن المرضي من دخول البيمارستان إلا برسالة، ثم يُخرجهم بعد أيام قلائل، و أظهر في أيام ولايته من شراسة الخلق و حدة المزاج و بذاءة اللسان مالا مزيد عليه، هذا مع التعبد، و الإجتهاد في العمل من تلاوة القرآن، و قيام الليل، و التعفف عن المنكرات و الفروج، و كان في شهر رمضان يختم القرآن كل ليلة في ركعتين، و أما سجوده و تضرعه فإليه المنتهى، و كانت له أوراد هائلة دواما، فكان إذا فرغ من أوراده عاد إلى ما ذكرناه من تسلطه على خلق الله و عبادة، و لا زال على ذلك حتى نفرت القلوب منه، و كَثُر الدعاء عليه
و لما كنت مجاوزا بمكة المشرفة في سنة اثنتين و خمسين و ثماني مائة، كنت أسمع من يدعو عليه في الطواف، فلم يكن غير فليل إلَّا و أخذ أمره في انحطاط، و أُخرج عنه نظر الكسوة و وكالة بيت المال لأبي الخير النحاس في يوم السبت حادي عشرين شهر ريبع الأول سنة اثنتين و خمسين و ثماني مائة، فأول الغيث قطر، ثم عُزل عن تدريس الشافعي بالشيخ يحيي المناوي الشافعي في يوم الخميس رابع شهر رييع الأخر من السنة أيضا، ثم المصيبة العظمي عزله عن قضاء القضاة بشيخ الإسلام شهاب الدين بن حجر في يوم الأحد سابع شهر ربيع الآخر المذكور من السنة المذكورة، و فَوَّض السلطان لابن حجر بحميع وظائفه التي كان أخذها الصفطي منه، مثل: تدريس الصالحية و غيرها، و رسم له برد جميع ما أخذه من الوظائف المذكورة، فعند ذلك تطاول كل مظلوم لأخذ ثأره من الصفطي المذكور، و نالوا منه فوق ماكان يفعله بهم، فمنهم من صار يسُّبه في الملاء، و منهم من يتوجه إليه بداره و يطرق عليه الباب و يخاطبه بما يكره و يده ممدودة ملاحقة إلى لحيته، و يطيل الجلوس عنده على تلك الهيئة، و يكرر عليه أنواع السب و التوابيخ، و منهم من يشكوه إلى قضاة الشرع و يتوجه به ماشيا إلى القضاة و هو يخاطبه بالفحش و الكلام السيئ، ثم يتحاكما يبن يدي القضاة، و ترادفت عليه، الأهوال و المحن من غير واحد، و قَلَّ المشفق له و كَثُر المشفق عليه، وهو مع ذلك آمن من جهة المال إلى أن مال عليه الملك الظاهر حقمق كأنه لم يعرفه، و حبسه بحبس المقشرة مع أرباب الجرائم، من يوم الأحد سلخ شهر رجب إلى يوم الأثنين مستهل شعبان، بسبب شكوى قاسم الكاشف عليه، و كان المتوجّه به إلى حبس المقشرة قانبك الدوادار الخاصكي، ولما أُخرج من المقشرة ذهب ماشيا إلى بيت قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني، وادٌُْعي عليه، و وقع له في هذه الدعوى أمور و حوادث و محن، ثم عاد إلى بيته، و لا زال السلطان في الحط عليه حتى أخذ منه على تقدات متفرقة نحوا من ستين ألف دينار، بعد أمور و عقود مجالس، ثم اختفى ثم ظهر و حضر عقد مجلس عُقد له مع قاسم الكاشف بين يدي السلطان بسبب حَمَّامه بخط قنطرة باب الخرق، ثم اختفى ثانيا و أخرجت عنه وظائفه، فاستقر في مشيخة الجالية القاضي ولي الدين الأسيوطي، أحد نواب الحكم الشافعية، و دام اختفاؤه و نودي عليه بالقاهرة، و هُدِّد من أخفاه، فلم يظهر له خبر
و دام في اختفائه إلى أن قبض علي أبي الخير النحاس، و حصل له أيضا ما ذكرناه في غير موضع، ثم رُسم بنفي أبي الخير النحاس المذكور إلى طرسوس، فعند ذلك ظهر القاضي ولي الدين الصفطي هذا في يوم الأربعاء خامس جمادى الأخرة سنة أربع و خمسين و ثماني مائة، بعد ما اختفى ثمانية شهور و سبعة أيام، و ذكر أنه حفظ في مخبئه - يعني هذه المدة - عدة متون في مذهبه، ثم أصبح من الغد في يوم الخميس سادسه طلع إلى القلعة، و اجتمع بالسلطان، و حصل له منه بُعَيض جبر، و نزل إلى داره، و لزمها على حاله، نعوذ بالله من زوال النعم
و استمر إلى يوم الاثنين ثالث شوال من السنة طلبه السلطان و أخلع عليه بإعادته إلى مشيخة الجمالية، و صرف الولي الأسيوطي، و نزل و حضر الجمالية على عادته، و صار يطلع إلى القلعة في كل شهر مرة واحدة، كآحاد الفقهاء، و هو مكفوف عن الناس بالكلية وليته مع هذا يسلم من الكلام و المقت، و بقي يمشي على أقدامه في غالب توجهه من بيته بدرب الأتراك إلى المدرسة الجمالية، و يُظهر للناس التواضع الزائد، و الاحتشام العظيم، فلم تطل أيامه و مرض في آخر يوم الإثنين، و مات من الغد في عصر يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة سنة أربع و خمسين و ثماني مائة، و دفن من الغد في يوم الأربعاء، و قد جاوز الستين، عفا الله عنه
و كان بيننا و بينه معرفة قديمة، فكان - عفا الله عنه - مخبطا يخلط الصالح بالطالح، و هو صاحب العظمة بأوله و الأهوال بآخره، ولله در القائل
لو أَنصفوا أُنصفوا لكن بغوا فَبُغي عليهم فكأَنَّ العزَّلَمْ يكنِ
جاد الزمان بصفوٍ ثم كدَر هذا بذاك و لا عتب على الزمنِ
انتهت ترجمة الصفطي، عفا الله عنا و عنه
Summary
Walī al-Dīn Muḥammad al-Safaṭī
- born in 796 in Ṣafaṭ al-Ḥanāʾ
- description of personal charateristics and culture
- khāṣṣ of al-Ẓāhir Jaqmaq, when Jaqmaq becomes sulṭān becomes real ruler
- story’s of his extraordinary greediness
- list of mansabs: nāẓir kiswa wākil bayt māl, shaykh madrasat Jamālīya, nāẓir bīmāristān, mudarris qubbat al-Shāfiʿī, then qāḍī quḍāt al-Shāfiʿī in 851, then mudarris al-Shāfiʿīya in the madrasa al-Ṣāliḥīya and nāir waqf madrasa Ṣāliḥīya also in 851
- examples of his bad ruling when he’s qāḍī quḍāt
- story about complaints against him Ibn Taghrī birdī witnessed in 852, dismissed from several mansabs, taken revenge, eventually imprisoned, has to pay 60000 dinars
- disapperas twice
- reapperas after banishment ʾAbu -l-Khayr al-Naḥḥās, confiscated, has to stay in his house
- asked to come to the sulṭān, reinstated as shaykh madrasa al-Jamālīya
- attitude changed
- becomes sick, dies on Wednesday in the beginnning of Dhu-l-Ḥijja 854, being over sixty
- Ibn Taghrī Birdī and him know each other since long
Related properties
52
ID
https://ihodp.ugent.be/mpp/informationObject-10634

Events (0)

Practice (0)

Places (0)