محمد بن عمر بن رسلان بن نصير، العلامة بدر الدين بن شيخ الإسلام سراج الدين البُلقيني الشافعي، قاضي العسكر
مولده بالقاهرة في سنة سبع و خمسين و سبعمائة، و نشأ تحت كنف والده، و حفظ القرآن الكريم و عدة متون في مذهبه، و تفقه بوالده شيخ الإسلام، و اشتغل و دأب حتى برع في الفقه و الأصول و العربية و الأدب، و تصدّر للإقراء و التدريس في أيام والده، و ولي قضاء العسكر بالديار المصرية، و كان من الأذكياء الحفاظ، صاحب نادرة حلوة و محاضرة حسنة إلى الغاية، و كان ذا شكالة حسنة. أخبرني قاضي القضاة شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن بن عمر البُلقيني، قال: كان أخي بدر الدين أعجوبة في الذكاء و الحفظ و الاستحضار لفروع مذهبه، انتهى
و كان له نظم جيد، من ذلك ما قاله في ترّاب
رب تراب مليح أورث القلب عذابا
قلت لما أن بدا لي ليتني كنت ترابا
وقد تطفل الشيخ شهاب الدين الحجازي على ما كتبه الشيخ بدر الدين فقال
كسروا الجرة عمدا سقوا الأرض شرابا
قلت والإسلام ديني ليتني كنت ترابا
توفى الشيخ بدر الدين في حياة والده في يوم الجمعة سابع عشر شعبان سنة إحدى و تسعين و سبعمائة
قال المقريزي: و دفن بمدرسة والده من حارة بهاء الدين، و كان مفننا في عدة علوم، حاد المزاج، مفرط الذكاء، منهمكا في اللذات التي تهواها النفوس، ممتعا بالجاه و المال. انتهى كلام المقريزي
قلت: و مما حكي عنه - عفا الله عنه - أنه كان إذا أراد أن يتوجه إلى منتزه يدخل إلى والده و يقرأ عليه درسه فيأتيه شخص من أصحابه و يقول: نعم، فيقول الشيخ بدر الدين مَنْ؟، فيقول الرجل رمضان، فيقول الشيخ بدر الدين: والله أعلم، و يقوم و يأتى في آخر النهار متغير الحال، و تكرر ذلك منه غير مرة حتى دخل الشيخ بدر الدين إلى والده في بعض الأيام للدرس على العادة، و جاء رمضان المذكور و قال: نعم على عادته، و كان في أوائل الدرس، فالتفت إليه شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني منحرفا، و قال: ما رأينا رمضان يحئ في محرم إلا أنت
و للشيخ بدر الدين مع الطنبدي و غيره من أصحابه حكايات لطيفة و ما جريات ظريفة أضربنا عنها خشية الإطالة، رحمه الله تعالى و عفا عنا و عنه
و هو والد القاضي تقي الدين محمد الآتى ذكره إن شاء الله تعالى