محمد بن يوسف، قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله الركراكي، المغربي المالكي
قدم من الغرب إلى القاهرة في حداثة سنه، وتفقه على جماعة من العلماء، وغلب عليه المعقول، على أنه كان جيد المشاركة في الفقه و الأصول، و كان بارعا في فنون، و أفتى و درّس، و عُرف بالفضيلة، و نازع قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم الإخنائي المالكي في تدريس المنصورية، و قام معه الأمير ألجاي اليوسفي، و وقع بسبب ذلك أمور
و كان كريها غير مشكور السيرة، و عنده دهاء و إقدام، و معرفة بمعاشرة الملوك
و لما ملك منطاش الديار المصرية، بعد مسك الأتابك يلبغا الناصري، و صار مدبر مملكة الملك المنصور حاجي، طلب قاضي القضاة شمس الدين هذا و ألزمه بالكتابة على الفتوى في الملك الظاهر برقوق، بعد أن كتب سراج الدين البلقيني و القضاة والعلماء، فامتنع المذكور من الكتابة، فضربه منطاش مائة ضربة، و سُجن بالإسطبل السلطاني، و وقع له بسبب ذلك أمور
فلما ملك الملك الظاهر برقوق ثانيا في سنة اثنتين و تسعين و سبعمائة عرف له ذلك، و أخلع عليه باستقراره قاضي قضاة المالكية، بعد عزل قاضي القضاة تاج الدين بهرام المالكي الدميري، فاستمر قاضيا إلى أن تجرد الملك الظاهر برقوق إلى البلاد الشامية، فتوجه المذكور معه، على عادة القضاة، و مرض ومات بحمص في رابع عشر شوال سنة ثلاث و تسعين و سبعمائة
قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني رحمه الله تعالى: مات وقد قارب خمسين سنة و كان عنده جرأة و جبروت، و إقدام في الشرور و إساءة أدب على الأكابر و الأعيان، و قد كان يتهم بسوء الإعتقاد، و الميل إلى أعتقاد النجوم و الأعمال السحرية، ونحوها. انتهى
و قال المقريزي: كان أحد عجائب الدنيا و الدين، أفرط فيهم الذكاء حتى التحق بالشياطين، فتصرف ذكاؤه في أنواع من الدهاء لا يمكن وصفها، فالله يستميح بفضله له عما عمله، و كان من جملة من صحبة و عرفت، انتهى