محمد بن يوسف بن صلاح، شمس الدين الدمشقي، ثم المصري، الشهير بالحلاوي، وكيل بيت المال
ولد بدمشق في سنة خمس و ستين و سبعمائة، و نشأ بها، ثم قدم القاهرة في مبدأ أمره، و صحب الوزير بدر الدين الطوخي، ثم اتصل بسعد الدين بن غراب، فعلا قدره بصحبته، و عُرف بين الناس، و أثرى، و رشح لكتابة السر بالديار المصرية على جهل كان فيه، و عدم معرفة بصناعة الإنشاء و غيرها، ثم تحولت عنه إلى غيره، فخر الدين بن المزوقي، كل ذلك بسفارة ابن غراب، إلا أنه كان غير أهل لتوقيع الدست لبعده عن الفضيلة
ثم صحب الحلاوي جماعة من أعيان الدولة، يأتى بيان ذلك نظما، إلى أن صحب الزيني عبد الباسط بن خليل الدمشقي، ناظر الجيوش المنصورة، و أنه اتصل إلى الوظائف الجليلة، لكنه كان يقاسي منه، من الهزل و السخف به، ما كان فيه هلاك نفسه فإنه كانت فيه دعابة و محاضرة حلوة، و كان الزيني عبد الباسط محبا للهزل و المزاح، فحاشا، سلطا على ندمائه و حواشيه، فقاسي الحلاوي منه اهوالا إلى أن توفى بالقاهرة بعد مرض طويل في ليلة الجمعة سادس شوال سنة أرببعين و ثمانمائة
و كان شيخا حشما، و شكلا مهولا، ذا لحية طويلة جدا، يضرب بطولها المثل، متجملا في ملبسه و مركبه، و له محاضرة حسنة نوعا من الحكوية، و عنده تنميق في كلامه
و كان للشيخ شمس الدين الدجوي فيه أهاجي، كان كثيرا ما يتعرض إلى لحيته، سمعت غالبها من لفظه، و من ذلك
ظن الحلاوي جهلا أن لِحْيَتَهُ تُغْنيه في مجلس الإفتاء و النظر
وأشْعر يتُها طولا قد اعتزلت بالعْرضِ باحثة في مذْهب القدر
وكان - رحمه الله - لا يزال يتردد إلى أبواب أهل الدولة، و يصابر منهم الهزل مالا يحتمل غيره
و فيه يقول بعض الأدباء
إن الحلاوي لم يَصْحَب أخا ثِقَة إلا مَحا شُؤْمُه منْهم محاسنهم
السعْدُ و الفَخْرُ و الطوُخي لازمهم فأصبحوا لا ترى إلا مَساكِنهم
قلت: يعني بالسعد و الفخر ابني غُراب: سعد الدين و فخر الدين ماجد، و الطوخي
بدر الدين، المتقدم ذكره، انتهى
و نظم شيخ الإسلام حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر، وزاد، فقال
وابن الكُوَيّز و عن قُربٍ أخوه ثوى والبدر، والنجم رب اجعلْه ثامنهم
يعني بابن الكويز: القاضي علم الدين داود، و أخاه صلاح الدين خليل، و البدر: الأمير بدر الدين حسن بن محب الدين المشير وبالنجم: القاضي نجم الدين عمر بن حجي، انتهى