محمود بن علي بن أصفر عينه، الأمير جمال الدين، أستادار العالية في الدولة الظاهرية برقوق
كان أولا فقيرا يتعاني الشدّ في إقطاعات الجند، ثم خدم عند بعض الأمراء، ثم باشر شد الدواوين بالقاهرة، ثم ولي الأستادارية للملك الظاهر برقوق، فباشر بعظمة زائدة وحرمة وافرة، وأثرى ونالته السعادة، وحصّل أموالا لا تدخل تحت الحصر كثرة، واستمر على ذلك حتى قبض عليه الملك الظاهر برقوق بمرافعة كاتبه سعد الدين إبراهيم بن غراب، وصادره، وأجري عليه أنواع العذاب والعقوبة إلى أن مات بخزانة شمائل في يوم الأحد تاسع شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة، ودفن بمرسته التي أنشأها بالشارع خارج باب زويلة، تجاه بيته، وحضر جنتزته القاضي بدر الدين بن فضل الله كاتب السر، وسعد الدين بن غراب وقد صار ناظر الجيش، وشرف الدين الدماميني ناظر الجيش، وقطبلك االاستادار، وابن الطبلاوي والي القاهرة، ولم يدفنوه إلا بعد الكشف بجماعة من الشهود بأنه سالم من الخنق و السقي و غيرها
ويقال: إن جملة ما أُخذ من محمود من الذهب العين ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار، ومن الفضة ألف أاف و خمسمائة ألف خارجا عن القماش و المواشي و الغلال والسكر، وغير ذلك
وقال المقريزي: أخذ منه ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، ومن الفضة ألف ألف، وبضائع و غلال، وغير ذلك بما ينيف على ألف ألف درهم فضة، وتلف له جملة، وأخفى هو شيئا كثيرا، انتهى
قلت: وهذا دليل على كثرة ظلمه و عسفه، وجوره، وقلة دينه، وإلا فمن أين له هذه الأموال؟ و متى يجتمع؟ لكنه هو خير من جمال الدين يوسف البيري الأستادار وأعف عن سفك الدماء، عاملهما الله بعدله، فإنهما وابن أبي الفرج عبد الغني فخر الدين كانوا هم السبب لخراب كثير من ضياع الديار المصرية قبليا و بحريا، وتجدد في أيامهم من المظالم ما لم يحصي كثرة