Ibn Taghrī Birdī, al-Manhal 11: 216, 3 - 219, 21

Reference
11: 216, 3 - 219, 21
Text
محمود بن محمد بن علي بن عبد الله، قاضي القضاة جمال الدين أبو الثناء القيصري، الرومي الأصل، العجمي الحنفي قاضي قضاة الديار المصرية، وناضر جيوشها، وشيخ الشيخونية
قدم إلى القاهرة في عنفوان شبابه فقيرا مملقا، ونزّل بالمدرسة الصرغتمشية مدة يخدم الفقهاء بها، ورأى في منامه أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يقول له: أنت شاهنشاه، ففسّر المنام إذ ذاك على الشًّنشي، وكان من جملة الصوفية بالصرغتمشية، وتنقلت به الأيام إلى أن صار يقرئ المماليك بالأطباق من القلعة إلى أن قُتل الملك الأشرف شعبان ابن حسين في سنة ثمان و سبعين و سبعمائة، وتقلب الأمراء على الدولة، تحدث له مخدومه طشتمر اللفاف، وقد صار أتابكا، في حسبة القاهرة، فوليها في ذي القعدة سنة ثمان و سبعماة، ونزل عند شخص في داره حتى تعينت له دار يسكنها، وبعث إليه قاضي القضاة صدر الدين المناوي ثوبا يلبسه، لعجزه عن ثوب، واستمر في ولايته وعزل، ثم أعيد في حدود سنة ثمانين، أو في سنة إحدى و ثمانين
وفي أيام ولايته الثانية كانت قصة المتكلم من الحائط: ومن أن شخصا يعرف بشهاب الدين أحمد أحد العدول دخل يوما إلى منزله بالقرب من جامع الأزهر فسمع كلاما من جدار البيت، ولم ير المتكلم، وإذا الصوت يقول: اتق الله و عاشر زوجتك بالمعروف، فحدث أصحابه و جيرانه بما وقع، ثم أشيع ذلك بالقاهرة، وتسامع الناس به، و قصدوه من كل جهة، وافتتنوا به وبلغ ذلك جمال الدين العجمي هذا فركب إلى البيت، ووَكَّل بالرجل من يحفظه، وتسمّع الكلام من الحائط فعلم أنه صناعة وأخذ في ضرب الجيران، والفحص عن هذا الصوت بأشياء يطول شرحها، وهو لا يقف على خبر الحائط، وتردد إلى دار غير مرة، وفي بعضها أخذ معه فقهاء يقرءون القرآن، وعجزوا، وازدحمت الناس على هذه الدار، و لهجت العوام بقولهم: يا سلام سلّم الحيطة بتتكلم، وصار هذا مثلا إلى يومنا هذا، وشرع القاضي جمال الدين هذا يقول للمتكلم من الحائط: إلى متى هذا الفساد؟ هذا الذي تفعله فتنة للناس. قال الحائط: إلى أن يريد الله، ثم صار القاضي جمال الدين يُقْسِمه إلى أن قال من الجدار: ما بقي بعد هذا كلام، وسكت. وصار يحدثونه لا يجيب، وكان ذلك يوم الأثنين ثاني عشر شهر رجب سنة إحدى و ثمانين وسبعمائة، فقال الأديب شهاب الدين أحمد بن العطار في المعنى
يا ناطقا من جدار وَههو ليس يُرى اظهر وألا فهذا الفعلُ فتانُ
فما سمعنا و للحيطان ألْسنةُ وإنما قيل للحيطان آذانُ
وانصرف القاضي جمال الدين وقد اشتدت الفتنة بهذه، ولهج الناس بذلك في شعرهم و كلامهم إلى أن حضر القاضي جمال الدين إلى الدار ثالث مرة، وأمسك الفيشي وزوجته و شخصا آخر، وأخرجهم إلى داره و ضربهم، فأقرب امرأة الفيشي أنها فعلت ذلك تخويفا لزوجها أولا، فلما رأت منه الخوف الزائد وقبول الناس عليها أعلمته بذلك، فساعدها هو أيضا على ذلك، فقال في المعنى الشهاب العطار أيضا
قد حار في منزل الفيشي الورى عجبا بناطق من جدار غير مُبْديه
وَكُلّهم في حَديدٍ باردِ ضَرضبوا وصاحب البيت أدرى بالذي فيه
ثم إن القاضي جمال الدين طلع بالثلاثة في يوم الاثنين ثالث شعبان إلى الأتابك برقوق العثماني وأخبره الخبر، فضرب الرجلين بالمقارع وضرب المرأة عِصِيا و سَمّروا الثلاثة تسمير سلامة، فكثرت الشناعة على القاضي جمال الدين لذلك من تسمير المرأة فأُطلقت، وحُبسوا مدة، ثم أُطلقوا
ثم عزل جمال الدين هذا عن حسبة القاهرة بشمس الدين محمد الدميري في رابع عشر شعبان، فلم ينتج أمر الدميري وعزل، وأُعيد الجمال صاحب الترجمة في ثالث عشرين جمادى الآخرة من السنة
فاستمر في الحسبة إلى أن عُزل بتاج الدين المليجي في شعبان سنة ثلاث وثمانين، فاتفق أيضا ارتفاع الأسعار، كما وقع أولا فطلبت العامة صاحب الترجمة، فأُعيد في ذي القعدة، واستمر في الحسبة إلى أن عُزل بنجم الدين الطنبدي، وكيل بيت المال، بعد أن التزم عمل ألف مثقال من الذهب، في شهر رمضان سنة تسع وثمانين، فعُوِّض الجمال هذا عن الحسبة بقضاء العسكر، ثم ولي نظر الجيوش المنصروة بالقاهرة عوضا عن الصاحب موفق الدين أبي الفرج في يوم الثلاثاء سابع عشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، واستقر عوضه في قضاء العسكر الإمام شرف الدين عثمان الأشقر، والد القاضي محب الدين الأشقر ناظر جيش زماننا، مع وظيفة الإمامة
واستمر المذكور في وظيفة نظر الجيش إلى أن عاد برقوق إلى سلطنته ثانيا بعد خروجه من حبس الكرك عزله، ولزم داره هذه إلى أن ولي قضاء القضاة الحنفية باديار المصرية عوضا عن قاضي القضاة مجد الدين إسماعيل في شعبان سنة ثلاث وتسعين، وكُتب له الجناب العالي كما كُتب لقاضي القضاة عماد الدين الكركي الشافعي، ثم أُضيف إلىه نظر الخانقاة الشيخونية ومشيختها في شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين، ثم أعيد إلى نظر الجيش، مضافا إلى ما بيده من القضاء والشيخونية، في يوم الاثنين العشرين من شوال سنة أربع وتسعين، عوضا كريم الدين بن عبد العزيز، وهذا لم يقع لغيره يعني اجتماع هذه الوظائف
واستمر يباشر هذه الوظائف إلى أن توفى بعد مرض طويل في ليلة الأحد سابع شهر ربيع الأول تسع وتسعين وسبعمائة ودفن من الغد بالقرافة
قال الشيخ تقي الدين المقريزي: وكان فاضلا، مشاركا في أنواع من العلوم كالعربية و الفقه و الأدب، و درّس الحديث والفقه و التفسير، و نال من الدنيا حظا جسيما، وتمكَّن من الدولة و السلطان تمكنا عظيما، وخضع له عامة الرؤساء، انتهى
وقال العيني - رحمه الله - بعد أن سمّاه محمود بن علي بخلاف ما ذكرناه: قدم المذكور إلى الديار المصرية في الدولة الأشريفة، وأقام بمدرسة صرغتمش من جملة الطلبة، وكان على فقر عظيم، ثم لما صار الأمير طشتمر اللفاف أتابك العساكر المصرية اعتنى به، وولّوه الحسبة بالقاهرة، وأقام يباشرها زمانا، ثم تقلب به الأحوال إلى أن صار قاضي القضاة الحنفية، ثم جمع بيم القضاء و نظر الجيش و مشيخة الشيخونية، فالذي اتفق لهذا ما اتفق لغيره من أبناء جنسه، ولقد سمعته يقول: هذا الذي حصل لي من غلطة الدهر
وباشر أيضا عدة وظائف أخر من: التدريس في الصرغتمسية وغيرها، والخطابة بمدرسة الملك الظاهر برقوق، ونظر الأوقاف ونظر البيمارستان المنصوري، وغير ذلك
وكان رجلا ذكيا، لكنه كان قليل المادة و البضاعة، وكان فصيحا في العربية والفارسية والتركية، وكان عنده بعض دهاء، وكان يخدم رجال الدولة كثيرا، ويُهاديهم بأنواع التحف، ولولا خدمته لهم لكان ممن أُسقط وأُخملَ، لا سيما في حركة منطاش، لما خطب بغزة يوم الجمعة حين توجهه مع العسكر المنصوري إلى الشام لأجل المجاربة مع الظاهر برقوق، وذكر الظاهر بما لا يليق ذكره، واشتاع ذلك عنه بين الناس
وكان يتكلف كثيرا من المآكل الطيبة والملابس البهية، وخلف موجودا كثيرا، وكتابا حسنة، وخلف ثمانية أولاد من الذكور والإناث
وتولى في القضاء عوضه شمس الدين الطرابلسي، وفي نظر الجيش شرف الدين الدماميني، انتهى الكلام برمته
Summary
Jamāl al-Dīn Maḥmūd al-Qayṣarī
- qāḍī quḍāt in Egypt, nāẓir Jaysh and shaykh al-Shaykhūnīya
- came to Cairo in the prime of his youth
- comes in khidma of fuqahāʾ madrasa al-Ṣarghitmishīya
- story about a dream
- becomes muqriʾ of the mamluks in the barracks of the Citadel, until al-ʾAshraf Shaʿbān’s death in 778
- becomes muḥtasib in 778 because of mediation of his makhdūm Ṭashṭamur, dismissed, returns in 800 or 801
- lives in house of someone until he’s appointed a house to live in
- story about Shihāb al-Dīn ʾAḥmad and the talking wall, being a woman, beaten by Barqūq al-ʿUthmānī, imprisoned for a while, eventually freed
- dismissed as muḥtasib, returns
- stays muḥtasib until 783 dismissed, prices increase, asked back by people, returns, dismissed again in 789, becomes qāḍī ʿaskar in stead, then becomes nāẓir jaysh in 791
- dismissed as nāẓir when Barqūq returns from al-Karak, has to stay in his house, becomes qāḍī quḍāt ḥanafīya in Egypt in 793, becomes shayk and nāẓir of madrasa Shaykhū at the same time in 794, returns as nāẓir jaysh, keeping the other mansabs as well
- dies after a long disease in the night of Sunday 7 Rabīʿ al-ʾAwwil 799, burried in al-Qarāfa the next day.
- description of personal characteristics by al-Maqrīzī
- according to al-ʿAynī, named him Maḥmūd b. ʿAlī, contrary to what we mentioned, came to Cairo during the reign of al-ʾAshraf, was a student in madrasa of Ṣarghitmish, until taken care by Ṭashtamur al-Laffāf, appointed as muḥtasib of Cairo, happens things, becomes qāḍī quḍāt al-ḥanafīya, then combines the mansabs of qāḍī, nāẓir jaysh and shaykh of al-Shaykhūnīya
- he also performed other mansabs like mudarris of al-Ṣarghitmishīya and others, and khāṭib of ythe madrasaof al-Ẓāhir Barqūq, nāẓir ʾawqāf and nāẓir bimāristān
- description of personal characteristics
- left 8 children, male and female
Related properties
65
ID
https://ihodp.ugent.be/mpp/informationObject-10748

Events (0)

Practice (0)

Places (0)