مرجان بن عبد الله العادلي المحمدي، الإمير الطواشي الحبشي زين الدين، مقدم المماليك السلطانية
أصله من خُدّام الملك العادل سليمان صاحب حصن كيفا، اشتراه وربّاه و أدبه وأعتقه، واختص به إلى أن توفى سنة سبع وعشرين وثمانمائة، رحل من الحصن وسافر إلى مماليك العجم، ورأى تلك الأقطار، وتأدب وتهذب بالأسفار إلى أن قدم إلى البلاد الشامية، واتصل بخدمة الأمير تغري بردي المحمدي، ثم انتقل في الخدم عند أعيان أمراء الديار المصرية وغيرها إلى أن صار من جملة الخدام السلطانية
واستمر على ذلك سنين إلى أن طلب وأُخلع عليه بنيابة تفدمة المماليك السلطانية في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة عوضا عن الطواشي جوهر النوروزي بحكم انتقال جوهر إلى تقدمة المماليك بعد عزل الأمير الطواشي عبد اللطيف الرومي العثماني
فباشر المذكور النيابة بتجمل، وعرف بالعقل والرئاسة، والحزم والسياسة، إلى أن طلبه الملك الظاهر جقمق وأخلع عليه باستقراره مقدم المماليك السلطانية بعد عزل جوهر النوروزي المذكور وإخراجه إلى القدس الشريف بطالا، فباشر التقدمة بحرمة وافرة وعظمة زائدة ونالته السعادة، وعظم وظخم، وسار في الوظيفة على طريق السلف، وسلك مع الدولة أجمل سلك، وساس الأمور ولمّ شعثها، وأجرى الأشياء على عادتها بحسب الطاقة والجهد، وفي التلويح ما يُغنى عن القصد، هذا مع صباحة الوجه، ودماثة الأخلاق، والعقل والسكون، والتواضع والاحتشام، والاعتقاد في الفقراء وأهل الصلاح، مع البر لهم والإكرام، على أنه متجمل في ملبسه ومركبه ومأكله ومشربه، مُغرم باقتناء الجياد من الخيول، وأنواع المحاسن، حلو المحاضرة جميل المعاشرة، كريم النفس، لين الجانب، قويا، يخشى و يُرجى سويا، والله در المتنبي حيث يقول
ومن رام تَقْويمي فإني مقدوّم ومن رام تَعْويحي فإني مُعَوًّجُ