Ibn Taghrī Birdī, al-Manhal 12: 189, 1 - 196, 14

Reference
12: 189, 1 - 196, 14
Text
يوسف بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن قاسم، الأمير جمال الدين أبو المحاسن البيري الحلبي البجاسي، المعروف بأستادار بجاس
كان أبوه تزيا بزي الفقهاء و كان يخطب بالبيرة، وتزوج بأخت شمس الدين عبد الله ابن بهلول، المعروف بوزير حلب، فولدت له يوسف هذا وغيره في البيرة، ونشأ يوسف هذا بها، ثم قدم البلاد الشامية على فاقة عظيمة، وتزيَّا بزي الجند، وخدم بلاصيا عند الشيخ علي كاشف بر دمشق، ثم عند غيره، وطال خموله، وخابط الفقر ألوانا إلى أن اتصل بخدمة الأمير بجاس، بعد أمور يطول شرحها، وترقى عنده حتى جعله بجاس استاداره، وطالت أيامه عنده وأثْرى، وعرفه الناس، وعد من أعيان الاستاداربة، وسكن بالقصر بين القصرين، واتهم أنه وجد به من خبايا الفاطميين خبيئة، ثم عمر بالقرب منه بيتا يسكنه
ولما مات الملك الظاهر برقوق في سنة إحدى و ثمانمائة، وتعطل بجاس، وأنعم بإقطاعه على الأمير شيخ المحمودي - أعنى المؤيد حاسب جمال الدين هذا في حساب المستحق لبجاس
ثم خدم جمال الدين بعد ذلك عند والدي، رحمه الله، وغيره من أعيان الأمراء، وعُرف بكثرة المال، وصحب سعد الدين إبراهيم بن غراب، فنوه سعد الدين بذكره إلى أن فر الأمير يشبك الشعباني إلى البلاد الشامية وصحبته سعد الدين بن غراب في جمادى الأولى سنة سبع وثمانمائة طُلب جمال الدين يوسف هذا وألزم بالوزير، فامتنع من قبوله وسأل في الأستادارية، فخلع عليه بالأستادارية، عوضا عن سعد الدين بن غراب في رابع شهر رجب سنة سبع وثمانمائة، وتولى تاج الدين بن البقري الوزر وأخلع على الأمير يلبغا السالمي مشيرا
وصار جمال الدين هذا وابن البقري في كل عظيم من توجههما في كل يوم إلى خدمة السالمي، يفعلا ما يأمرهما به، فعز دلك على جمال الدين وأراد أن يستبد بالأمر، فعمل على السالمي حتى قُبض عليه وعاقبه، ولا زال به حتى قتله، كما ذكرنا في ترجمة السالمي، ثم قدم سعد الدين بن غراب فلم تطل أيامه ومات
فخلا الجو لجمال الدين، وأظهر عند ذلك قبائح فعله، وتفنن في المظالم، وتنوع في العسف، واقتحم الدماء، فلله در القائل الظلم كمين في النفس العجز يخفيه والقوة تظهره
ثم أضيف إليه نظر الخاص والوزر في نصف شعبان سنة تسع وثمانمائة، عوضا عن فخر الدين ماجد بن غراب، وتسلم فخر الدين المذكور وعاقبه ولا زال ينوع عليه العذاب حتى قتله بعد مدة، ثم أضيف إليه كشف الوجه البحري
ودام على ذلك حتى خرج الأمير يشبك الشعباني ثانيا إلى دمشق، وكان آخر العهد به في سنة عشرة و ثمانمائة، وصار جمال الدين المذكور من بعده هو صاحب العقد والحل في الدولة، وعظم و ضخم وزاد جبروته، ومد للظلم يدا لا ترد إلا بمال أو بروح فما عَفَّ ولا كَفَّ، وأخذ في سفك الدماء، وأفحش وأمعن، بحيث إنه كان إذا سمع بشخص له رئاسة وثروة أو معرفة لا يزال به حتى يقبض عليه ويقتله
وفعل ذلك بجماعة كثيرة، منهم: الأمير عماد الدين إسماعيل أستادار الوالد، فإنه كان له ثروة وعز بأستاذه - أعنى الوالد رحمه الله - فتلطف جمال الدين بالوالد وقال: أتسلمه حتى أؤدبه ويعرف نفسه، ثم أخلع عليه وأرسله إلى خدمتك فسكت الوالد فخرج جمال الدين من وقته فصدف عماد الدين المذكور عند مدرسة سودون من زاده، فرده معه إلى أن نزل إلى داره عاقبه في اليوم المذكور حتى أخذ منه نحو أربعين ألف مثقال ذهب، ثم قتله ذبحا من ليلته، فعظم ذلك على الوالد، ووقعت العداوة بينهما بهذا المقتضى
وفعل جمال الدين هذا الفعل بخلائق لا تدخل تحت حصر، ومن يوم قتله عماد الدين المذكور بدا عكسه، وصار الوالد - رحمه الله - يمعن في الحط عليه عند الملك الناصر فرج
ثم بدا منه أمور لتتمة عكسه منها: أنه لما توجه الملك الناصر إلى البلاد الشامية ونزل على بيسان، وفر الأمراء منه إلى الأميرين شيخ المحمدي، ونوروز كان ذلك من أعظم الأسباب في هلاكه، وهوأن أقبغا - دوادار يشبك - كان استقر بعد موت أستاذه من جملة دوادارية السلطان، ففطن بفرار جماعة من الأمراء، وهم: الإمير تمراز، وسودون بُقجة، ،وعلان، وأينال المنقار فأسر آقبغا ذلك إلى فتح الله كاتب السر، فأخذ فتح الله آقبغا وعاد به إلى السلطان حتى أخبره بالخبر، فاستدعى السلطان في الحال جمال الدين هذا وأعلمه بالخبر لثقته به، وتقرر الحال بينهم على القبض على الأمراء المذكورين بعد عصر يومه وتفرق كل واحد إلى مخيمه
فلما استقر جمال الدين بمخيمة استدعى في الحال صيرفيه عبد الرحمن وأمَره، فصرّ للأمير شيخ بخمسة آلاف دينار ولتمراز بثلاثة آلاف دينار، ولكل من علان ورفيقيه بألفي دينار، وبعث بالمبلغ إليهم وأعلمهم بما اتفق
فركب الأمراء الأربعة، ورأسهم تمراز النائب، بمن وافقهم بعد غروب الشمس، ومضوا إلى جهة شيخ و نوروز، فعظم ذلك على السلطان، واجتمع عنده الأمراء، وطلب فتح الله وجمال الدين، ولا علم لع بما فعله جمال الدين، واستشار الأمراء وجمال الدين وفتح الله في توجهه إلى دمشق في إثرهم، فأشار الأمراء وفتح الله بالمسير، وخالفهم جمال الدين وحسّن للسلطان العود إلى الديار المصرية، ليتم له ما دبره، فلم يلتفت السلطان لكلامه وتوجه إلى دمشق حتى وصلها. انتهى
ومنها: أن السلطان لم يكن معه في هذه السفرة من الذهب إلا اليسير، فسأل جمال الدين في مبلغ، فقال لم يكن معي إلا مبلغا هينا، فندب السلطان فتح الله للفحص عن ذلك، فقال له: قد رافق جمال الدين في هذه السفرة تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم كاتب المماليك، وأخوه عبد الغني مستوفى الديوان المفرد، فاطلبهما وتلطف بهما تعلم ما معه من الذهب فطلبهما السلطان، وفعل ذلك، فأعلماه بليلة بيسان وما فعله جمال الدين من إرسال الذهب وإعلامه الأمراء حتى فروا إلى شيخ، فقال السلطان: من أين لكما هذا الخبر؟ فقالا: صيرفيه عبد الرحمن يتزل عندنا وعند تقي الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر ناظر ديوان المفرد، وهو الحاكي
فصدق السلطان مقالتهما وأسرها في نفسه، واستشار الوالد - رحمه الله - في القبض على جمال الدين، وكان الوالد إذ ذاك أتابك العساكر، فأشار عليه بعدم القبض عليه هناك، وقال: المصلحة في القبض عليه في العود بالقرب من القاهرة عند ملاقات أهله وأقاربه له حتى لا يفوت السلطان منهم أحد، وتكون الحوطة على الجميع معا، فأعجب السلطان ذاك وسكت
ثم إن ابن الهيصم لا زال حتى وصل عبد الرحمن الصيرفي إلى السلطان وحكي له الواقعة من لفظه في مجلس شرابه
ومنها: أن القاضي محيي الدين أحمد المدني كاتب سر دمشق لقي ابن هيازع عند باب الفراديس، فأعلمه أن أصحابه وجدوا عند مدينة زُرْع ساعيا معه كتب، فقبضوا عليه وأخذوا الكتب منه، وجاءوا بها إليه، وكان مجيي الدين مغزولا من كتابة سر دمشق من مدة، فأخذ الكتب ولم يدر ما فيها، وسلّمها لفتح الله، فأخذ فتح الله الكتب ومحيي الدين وجاء بهما إلى السلطان، وفُتحت الكتب وقرئت إذا هي من جمال الدين إلى الأمير شيخ، فازداد السلطان غضبا على غضبه
وخفي هذا كله عن جمال الدين لأمر يريده الله تعالى، وأخذ السلطان يغالطه والتغيير يظهر منه لشيبته، فتقهقر جمال الدين قليلا، وأخذ يغالط السلطان ويسأله أن يسلمه ابن الهيصم وابن أبي شاكر وألح في ذلك، والسلطان لا يوافقه ويعده ويمنيه، إلى أن نزل السلطان بغزة أظهر لجمال الدين الجفاء، وأراد القبض عليه فلم يمكنه الوالد، وقال له: بقي القليل ويكون ذلك، فسكت السلطان وسافر حتى وصل إلى بلبيس، فكلم الوالد في ذلك فقال له: نعم، ثم ركب الوالد من وقته مخففا في خواصه حتى وصل إلى وطاق جمال الدين، وقد حضر عند جمال الدين جميع أقاربه لتلقيه
فلما رأى جمال الدين حركة الناس قال: إيش هذا؟ قالوا له: الأمير الكبير، فقال: واين هو قاصد؟ قالوا له: نحوك، فقال: ما هذا المجيئ الخير، وما هو أنا حتى يجيني الأمير الكبير في مثل هذا الوقت، ثم نهض مسرعا حافيا حتى خرج إلى ظاهر مخيمه بالهرولة حتى وصل إلى الوالد، وقبل ركابه، فرسم الوالد لمماليكه فقبضوا عليه، وعلى حواشيه الجميع، فدخل جمال الدين تحت ذيل الوالد واستجار به، فقال له الوالد: أما مساعدتك فما تحل لمسلم، وأما أذاك فمثلي ما يتقاوي على مثلك، ثم رسم بوضعه في القيود، وبجميع أقاربه وحواشيه وأتباعه كذلك، وساروا الجميع مشاة بين يديه إلى مخيمه، ثم أخذهم و مضى
إلى نحو القاهرة
وكان يوم القبض على جمال الدين يوم الخميس تاسع جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، وقبل أن يصل إلى القاهرة كتب بطاقة بالحوطة على دار جمال الدين وأتباعه، ثم قدم بهم إلى القاهرة وسلمهم إلى نائب قلعة الجبل، فحبسوا بالبرج من القلعة حتى قدم السلطان في ثاني عشرة
وكان قصد السلطان أن تكون مصادرة جمال الدين عند الوالد ويتولى عقوبته، فقال الوالد: يا خوند، جمال الدين كلب نجس يتولاه كلب مثله، فخرج الصاحب تاج الدين بن الهيصم وقال: أنا يا مولانا السلطان ذاك الكلب الذي يتولى عقوبة جمال الدبن، فضحك الناس، وتسلمه، واستقر مكانه في الأستادارية، وخلع على أخيه عبد الغني بنظر الخاص، وعلى سعد الدين إبراهيم البشيري بالوزر، كل ذلك في يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الأولى من السنة
وأُمر بجمال الدين فعُصر ثم ضُرب على أكتافه عريانا بين يدي السلطان، ثم تسلمه تاج الدين بن الهيصم وأجرى عليه أنواع العذاب، ثم تسلمه أكبر أعدائه حسام الدين حسين شاد الدواوين ووالي القاهرة، وكان جمال الدين قبض على حسام الدين هذا قديما وبالغ في أذاه حتى جعله في عمارته مع جملة الفعلة يحمل بالقفة وهو في قيوده، فلما تسلمه حسام الدين نوع له العذاب أنواعا، وتفنن في عقوبته وعقوبة أقاربه وأولاده حتى جاوز الحد، وجازاه من جنس ما كان يفعله مع الناس وَما رَبُّكَ بَظَلّام للْعَبيد
ولا زال في العقوبة حتى خُنق وحز رأسه في يوم الثلاثاء حادي عشر جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، بعد ما أخذ منه نيف على ألف ألف دينار على نقدات متفرقة، حصرها غير واحد ولا حاجة في الإطالة، ودفن بتربته التي أنشأها بالصحراء خارج القاهرة
وأخرج الملك الناصر غالب أوقافه حتى مدرسته التي أنشأها بخط رحبة باب العيد أخذها الملك الناصر فرج وسُميت الناصرية، ولذلك أبقى لها ما بقي من وقفها
وكان جمال الدين شيخا قصيرا جدا، أعوارا ذميما قبيح الشكل، سفَّاكا للدماء، بطاشا، محبا لجمع المال وأخذه من غير استحقاق، وصرفه فيمن لا يستحقه، ويرى أن ذلك كرم منه، والعجب أن بعض الجهال ينسبونه إلى كرم، فهذا أعجب وأغرب من كونه قد استولى على جميع أموال الناس، فمنهم من أخذ أموالهم، ومنهم من هو نُصب عينه وإذا احتاج إلى شيء أخذ منهم، وليس له من يدفعه عنهم إلا الله سبحانه وتعالى، فكان حقه أن ينعم في كل يوم بآلاف مؤلفة من الذهب، لأن ينفق من حواصل الناس ولا يخشى الفقر، فإنه متى يكون فراغ أموال الناس على يديه إلا بعد سنين، فأخذه الله وأراح المسلمين منه
قال المقريزي بعد ما ذكر أحواله نبذة كبيرة: ،وصار لا يملك أحد مع وجوده من ماله إلا ما فضل عنه، من أمير وقاضٍ وشريف ووضيع، وحيث ما وضع يده على شيء صار له ذلك من غير معاند، ومتى ما تكلم ذهبت نفسه، انتهى كلام المقريزي باختصار
Summary
Jamāl al-Dīn Yūsuf al-ʾUstādār
- born and brought up in al-Bīra, his mother was a sister of Shams al-Dīn ʿAbd Allāh b. Bahlūl and his father was ʾAḥmad b. Muḥammad al-Bīrī.
- goes to Syria out of severe poverty, khidma of Shaykh ʿAlī in Lāṣiyā and others, poverty until he comes in khidma of Bajās al-Nawrūzī, becomes his ʾustādār, becomes rich
- lives in qaṣr in Bayn al-Qaṣrayn, believed to have found a Fatimid hidden ‘treasure’, builds house nearby
- Barqūq dies, Bajās becomes unemployed, Jamāl al-Dīn helps him out
- comes in khidma of father Ibn Taghrī Birdī
- ṣāḥib of Saʿd al-Dīn b. Ghurāb, flees to Bilād al-Shām in 807, asked to become wazīr, doesn’t accept, asks to become ʾustādār, becomes ʾustādār
- comes in khidma of al-Sālimī until he’s killed, Ibn Ghurāb returns, dies
- Jamāl al-Dīn has freedom of action, behaves badly
- becomes also nāẓir khāṣṣ and wazīr in 809 and kāshif wajh al-Baḥrī
- Yashbak al-Shaʿbānī goes to Damascus, Jamāl al-Dīn becomes more prominent, bad behaviour
p. 191 -192
- examples of his bad behaviour, story of ʿImād al-Dīn ʾustādār Taghrī Birdī, being rich and eventually being killed by Jamāl al-Dīn
- Taghrī Birdī tries to decrease importance of Jamāl al-Dīn with al-Nāṣir Faraj
- al-Nāṣir Faraj goes to Syria, ʾamīrs flee to Shaykh and Nawrūz, summons Jamāl al-Dīn, decide to arrest ʾamīrs.
- al-Nāṣir Faraj adviced by the ʾamīrs to go to Syria after them, follows their advice against advice of Jamāl al-Dīn who adviced him to go back to Egypt.
- sulṭān finds out actions of Jamāl al-Dīn, consults Taghrī Birdī to arrest Jamāl al-Dīn, he was ʾAtābak ʿAsākir at that moment, advices him not to arrest him there
p. 193
- story of Muḥyī al-Dīn ʾAḥmad al-Madanī and letters of Jamāl al-Dīn to Shaykh, sulṭān becomes more angry
- arrest of Jamāl al-Dīn by Taghrī Birdī in 812, imprisoned in qalʿat al-Jabal, sulṭān orders him to be punished and tortured by several
- eventually killed on Tuesday 11 Jumādā al-ʾĀkhira 812, confiscated, burried in al-Ṣaḥrā outside Cairo
- description of personal characteristics
Related properties
78
ID
https://ihodp.ugent.be/mpp/informationObject-10829

Events (0)

Practice (0)

Places (0)